من هي المرأة التى اكلت من الجنة وهي في الأرض..
نواصل، اليوم، رؤية التراث الإسلامى لقصة السيدة مريم عليها السلام، كيف تعرضت لها الكتب التراثية ومن قبلها النصوص الدينية، فى مرحلة شباب العذر١ء وإنجابها لعيسى بن مريم عليه السلام.
قال الله تعالى: “وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا” أي: بسبب غلبه لهم فى القرعة، كما قال تعالى: “ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ” “آل عمران: 44”.
قالوا: وذلك أن كلا منهم ألقى قلمه معروفا به، ثم حملوها ووضعوها فى موضع، وأمروا غلاما لم يبلغ الح@نث، فأخرج واحدا منها، وظهر قلم زكريا عليه السلام، فطلبوا أن يقترعوا مرة ثانية، وأن يكون ذلك بأن يلقوا أقلامهم فى النهر، فأيهم
جرى قلمه على خلاف جريه فى الماء فهو الغالب، ففعلوا فكان قلم زكريا هو الذى جرى على خلاف جرية الماء، وسارت أقلامهم مع الماء.
ثم طلبوا منه أن يقترعوا ثالثة فأيهم جرى قلمه مع الماء ويكون بقية الأقلام قد انعكس سيرها صعدا
فهو الغالب، ففعلوا فكان زكريا هو الغالب لهم، فكفلها إذ كان أحق بها شرعا وقدرا لوجوه عديدة.
قال الله تعالى: “كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ” “آل عمران: 37”.
قال المفسرون: اتخذ لها زكريا مكانا شريفا من المسجد لا
يدخله سواه، فكانت تعبد الله فيه، وتقوم بما يجب عليها من سدانة البيت، إذا جاءت نوبتها، وتقوم بالعبادة ليلها ونهارها، حتى صارت يض@رب بها المثل بعبادتها فى بنى إسرائ@يل، واشتهرت بما ظهر عليها من الأحوال الكريمة، والصفات الشريفة.
حتى أنه كان نبى الله زكريا كلما دخل عليها موضع عبادتها يجد عندها رزقا غريبا فى غير أوانه، فكان يجد عندها فاكهة الصيف فى الشتاء، وفاكهة الشتاء فى الصيف، فيسألها { أَنَّى لَكِ هَذَا } فتقول: { هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ } أي: رزق رزقنيه الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب.