لماذا نهى النبي ﷺ عن الخذف و ما معنى الخذف؟
عَنْ أبِي سعيٍد عبدِ اللهِ بنِ مُغفَّلٍ رَضْيَ اللهُ عنه قَالَ: لقد نَهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَنِ الخَذْفِ، وقَالَ: «إِنَّه لا يَقتلُ الصَّيدَ، ولا يَنْكأُ العدُوَّ، وإنَّه يَفقَأُ العَينَ، ويكسِرُ السِّنَّ» مُتَّفقٌ عليه.
وفِي روايٍة: أنَّ قَرِيبًا لابنِ مُغفَّلٍ حَذَفَ؛ فنَهاه وقَالَ: إِنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عَنِ الخَذْفِ، وقَالَ: «إِنَّها لا تَصِيدُ صَيدًا». ثُمَّ عادَ.
فَقالَ: أُحدِّثُكَ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عنه، ثُمَّ عُدتَ تَحذِفُ؟! لا أُكَلِّمُكَ أَبدًا.
قَالَ العلَّامةُ ابنُ عثيمينَ - رحمه الله -:
قال المؤلف - رحمه الله تعالى - فيما نقله عن عبد الله بن مُغفَّلٍ - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحَذْفِ، وقال: «إنَّه لا يَقتلُ صيدًا»، وفي لفظٍ: «لا يَصِيدُ صَيدًا»، «ولا يَنْكأُ عدُوًّا، وإنَّما يَفقَأُ العينِ ويَكسِرُ السِّنَّ».
و«الحَذْفُ»: قال العُلماءُ: معناه أن يضَع الإنسانُ حصاةً بين السبابة والإبهام، فيضع على الإبهام حصاة يدفعها بالسبابةِ، أو يضع على السبابةِ ويدفعها بالإبهام. وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وعلَّل ذلك بأنَّه يفقأ العينَ وکسړ السن إذا أصاپه، «ولا يصيدُ الصَّيدَ»؛ لأنه ليس له نفوذ «ولا يَنكأُ العدوَّ» يعني لا يدفع العدو؛ لأن العدو إنما يُنكأُ بالسهامِ لا بهذه الحصاة الصغيرة.
ثم إنَّ قريبًا له خړج بخذْفٍ، فنهاه عن الخذْفِ وقال: أخبرتُك أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذف، ثم إنَّه رآه مرَّةً ثانيةً يخذفُ، فقال له: «أخبرتُك أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الخذفِ، فجعلتَ تخذِفُ!! لا أُكلِّمكَ أبدًا» فهجره؛ لأنَّه خالف نهي النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وهذا كما فعل عبدُ الله بن عمر في أحد أبنائه، حين حدَّث ابنُ عمر أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تمنعُوا إماءَ اللهِ مساجدَ اللهِ». فقال أحدُ أبنائه وهو بلالُ بن عبدِ الله بن عمر: «والله لنَمنَعهُنَّ»؛ لأنَّ النساء تغيَّرت بعد عهد النبي صلى الله عليه وسلم، والناسُ تغيروا، فقال بلالٌ: «واللهِ لنَمنعَهُنَّ». فأقبل عليه أبوه عبد الله ابن عمر، وجعل يَسُبَّه سبًّا عظيمًا، ما سبَّه مثله قطُّ، وقال: أُحدِّثُك عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وتقولُ: واللهِ لنَمنَعهُنَّ.
ثم هجره حتَّى ماټ، لم يكلمه، فدلَّ هذا على عِظَمِ تعظيمِ السَّلف الصالح لاتِّباعِ السُّنَّةِ.
فهذا عبد الله بن مُغفَّلٍ أقسم أن لا يكلم قريبه؛ لأنه خَذَفَ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الخَذْفِ، وهكذا يجب على كل مؤمنٍ أن يعظم سُنَّة النبي عليه الصلاة ۏالسلام.