الجمع بين ما ورد في النهي عن استلقاء المسلم على ظهره، مع رفع إحدى الرجلين على الأخړى وفعل النبي عليه الصلاة السلام ذلك
وقال الخطابي في “معالم السنن” (4/120):” يشبه أن يكون: إنما نُهي عن ذلك من أجل انكشاف الع@ورة، إذ كان لباسهم الأزر، دون السراويلات. والغالب أن أُزُرهم غير سابغة، والمستلقي إذا رفع إحدى رجليه على الأخړى، مع ضيق الإزار: لم ېسلم أن ينكشف شيء من فخذه، والفخذ عو@رة.
فأما إذا كان الإزار سابغًا، أو كان لابسه عن التكشف متوقيًا: فلا بأس به، وهو وجه الجمع بين الخبرين، والله أعلم “انتهى.
وقال أبو العباس القرطبي في “المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم” (5/417):” و( قوله: ونهى أن يرفع الرجل إحدى رجليه على الأخړى مستلقيًا ): قد قال بكراهة هذه الحالة، مطلقًا: فقهاء أهل الشام، وكأنَّهم لم يبلغهم فعل النبي – صلى الله عليه وسلم – لهذه الحالة، أو تأولوها.
والأولى: الجمع بين الحديثين ؛ فيحمل النهي على ما إذا لم يكن على عۏرته شيء يسترها.
ويحمل فعل النبي – صلى الله عليه وسلم – لها على أنه كان مستور العو@رة، ولا شك أنها استلقاء استراحة إذا كان مستور الع@ورة، وقد أجازها مالك وغيره لذلك “. انتهى
وقال ابن الجوزي في “كشف المشكل” (3/75):” وَأما رفع المستلقي إِحْدَى رجلَيْهِ: فَلِأَن الْغَالِب على الْعَرَب: أَن يكون على أحدهم الثَّوْب الْوَاحِد، فَإِذا فعل هَذَا بَدَت عَوْ@رَته، فَإِن أَمن هَذَا فَلَا كَرَاهِيَة “انتهى
وقال النووي في “شرح صحيح مسلم” (14/77):” قَالَ الْعُلَمَاءُ أَحَادِيثُ النَّهْيِ عَنِ الِاسْتِلْقَاءِ، رَافِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى: مَحْمُولَةٌ عَلَى حَالَةٍ تَظْهَرُ فِيهَا الْعَوْ@رَةُ، أَوْ شَيْءٌ مِنْهَا.
وَأَمَّا فِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَكَانَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَظْهَرُ منها شيء. وهذا لابأس به، ولا كراهة فِيهِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ الِاتِّكَاءِ فِي الْمَسْجِدِ، وَالِاسْتِلْقَاءِ فِيهِ. قَالَ الْقَاضِي: لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ هَذَا لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ مِنْ تَعَبٍ أَوْ طلب راحة أو نحو ذلك.
قال: وإلا فقد عُلِمَ أَنَّ جُلُوسَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجَامِعِ عَلَى خِلَافِ هَذَا، بَلْ كَانَ يَجْلِسُ مُتَرَبِّعًا، أَوْ مُحْتَبِيًا وَهُوَ كَانَ أَكْثَرَ جُلُوسِهِ، أَوِ الْقُرْفُصَاءَ، أَوْ مُقْعِيًا، وَشِبْهَهَا مِنْ جِلْسَاتِ الْوَقَارِ وَالتَّوَاضُعِ.