قمر_والسلطان
طرب الحرس لهذا الشعر وتعجبوا من فصاحة تلك الجارية وقرعوا طبول الفرح ثم أخذ كل واحد مكانه كأن شيئا لم يحصل
بعد ساعات حل موكب المنصور ودخل القصر فوجد الأمراء والقادة في انتظاره فأحس بالبهجة وقال: هلموا إلى الحديقة فلقد أحضرت الجواري الخمر وصنوف الأطعمة والحرس أيضا مدعوون للوليمة
فتحت الأبواب ونزل القوم إلى الحديقة فوجد المنصور رجاله متناثرين في كل ركن فإنزعج وهم بالانصراف لكنه لما استدار وجد جمال الدين ورائه فخاف وتراجع حتى كاد يسقط أرضا
وقال: لقد رأيت البارحة رأسك في سلة فهل أنت حقيقة أم وهم ؟
أجابه: بل حقيقة والآن ستدفع ثمن جرائمك فأبي لم يحسن تأديبك ثم جره الحرس إلى الشرفة ورموا به فسقط وتحطمت عظامه
ووضع السلطان يده على كل ما في موكبه من أموال وجواري وعبيد والتفت إلى قمر وقال لها: كل هذا سيكون مهرك وسأزيدك عليه
......بينما كانت سمية تستعد لذبح الحمامة حتى دخل السلطان وتعجب من تصرفها فاخد منها الحمامة وقال ما بكي يا إمرأة انها مجرد حمامة فقط وانا ارتاح لما اراها
قالت له: وأنا ألا أكفيك لا أستغرب أن تصادق الحمير والكلاب فبعد إختفاء تلك الجارية أصبح وضعك سيئا يا مولاي
أحس السلطان بدموعه تنزل على خده فسمية على حق لقد فقد لذة العيش بعد حبيبته قمر حمل الحمامة في يديه وذهب إلى الكوخ في الحديقة فتذكر أيام السعادة
وأنشد:لقد طال الغياب أخبريني أنّك بخير كل يوم أنتظرك
لما أكمل شعره نظر إلى عيني الحمامة فوجد فيهما دمعتين كبيرتين فمسحهما وقال:هل تفهمين ما أقوله يا جميلة ؟
فحركت رأسها الصغير بالإيجاب
إبتهج كثيرا وقال نظرتك تذكرني بحبيبتي هل تعرفينها حركت مرة أخرى رأسها وبدأت ترفرف حوله بحب
:لا يمكن.. غير معقول هل هذا أنت
ومن فعل بك هذا لا شك أنها سمية هي شديدة الخبث
أمضى السلطان ليلته في الكوخ مع الحمامة منذ أيام طويلة لم يحس بالسعادة لكنه كان يفكر كيف ستستعيد شكلها لا شيئ مأكد كلما تعلق الأمر بالسحر
في الصباح طلب رؤية حكيم الزمان وحكى له قصته
قطب الشيخ جبينه وقال:هذا سحر جم١عة الثعبان الأسود وهؤلاء القوم لم يعدوا موجودين على حد علمي وهم بارعون في السحر والطب
لكن من المؤكد أن ساحرا واحدا على الأقل قد نجا من المحرقة التي قام بها سلاطين مملكة جبل الشمس ومن الغريب أن الأميرة سمية من تلك البلاد
أجاب السلطان شكوكك في محلها ومن اليوم سأراقبها خفية فهي من ستقودنا إلى الساحر والويل له لما أقبض عليه
اعطى السلطان الحمامة قمر لحكيم الزمان وطلب منه إخفاءها عنده ثم أخذ واحدة أخرى تشبهها وأصبح يحملها معه أينما ذهب وكان يعرف أن سمية ستشك أنه عرف الحقيقة وستحاول أن تتخلص من الحمامة بكل الطرق
دفع مالا لأحد جواريها وأوصاها بمراقبة حركات سيدتها
قالت سمية في نفسها:كأنه يحس بوجود سر وراء الحمامة وما هي إلا أيام حتى يكتشف أنها قمر
سأحاول أن أدس لها سما في الحوض الذي تشرب منه الطيور وليس مهما أن تموت كلها فأنا لا أحبها أما الأكل فلا سبيل إليه لأن السلطان جمال الدين يطعمها مين طبقه
في تلك الليلة أرادت الحمامة الخروج لتشرب لكنها وجدت النافذة مغلقة وفي الصباح أخبر الخدم أن كل حمام القصر وكذلك العصافير قد ماتت ولا نعرف سبب ذلك