قصة الرّحيل …
انت في الصفحة 2 من صفحتين
لم أكن أعرف بأن الشرطة هم لحماية المواطنين، كنت أظنهم أشرار يقومون بحبسنا ويضربوننا، لأن أبي دائمًا ما يُرعِبني بهم، ويهددني بأنه سوف ينادي الشرطة علي ويقومون يحبسي وضربي إذا وجدني ألعب بداخل المنزل.
فرددت عليه قائلًا:
قال: ماذا تقول! على ماذا تعودت؟!
قلت: أبي يضربني كل يوم، وأمي تقوم بتضميد الكدمات التي يسببها لي. فإذا أردت أن تضربني أحضر معك أمي لكي تضمد الكدمات التي سوف تسببها لي.
تغلغلت عيناه بالدموع، وأتجه نحو المنزل مسرعًا.
كنت أختلس النظر من نافذة السيارة التابعة للضابط، لكي آرى ماذا يحصل.
وبعد مدة قصيرة خرج بعض رجال الشرطة وهم يدفعون عربة تحمل شيءٍ ما مغطى بقماشٍ أبيض، وعندَ وصولهم بالقرب من سيارة الإسعاف هبّت الرياح وانكشف الغطاء.. وإذ بها أمي مطلية بالدماء!…
قام أحد افراد الشرطة بتغطيتها.
لم أكن اعرف ما معنى أن يموت الإنسان لأنني كنت مجرد طفلٍ يجهل مايرى ويفعل!
فتحت باب السيارة وحملت أختي وذهبت نحو أمّي.
حاول رجال الشرطة منعي لكني بقيت مصرًّا على أن آراها، حتى سمحوا لي برؤيتها، كشفت الغطاء عنها، وكانت تبدو وكإنها نائمة!
ندهتها مناديًا”..أمي.. أمي”
لكنها لم تستيقظ، وضعت أختي فوقها لكي تراها وهيّ تبكي لكي تستيقظ وتقوم بإطعامها.
لكنها لم تتحرك قط! ألتفت إلى الشرطي وقلت له:
لم يتفوه بأي حرفٍ وبدأ بالبكاء!
عندها عرفت بأن أمي قد رحلت وسوف لن تعود لنا مرةً أخرى، لأني رأيتها ذات يوم تبكي وقلت لها:
-لماذا تبكين يا أمي؟ قالت: أبكي على سعادتي يا بُني.
قلت: وماذا جرى لها؟ قالت: لم أعد أشعر بها. قلت: لماذا لا تندهيها لكي تعود؛ وتشعرين بها؟
قالت: ياصغيري الأشياء التي تترك لنا الدموع، لن تعود مرةً أخرى! لقد رحلت أمي!