إبنة_الصياد
لتتوقّف عن عمل تلك الرسوم الرائعة على الحرير وحياكة الأثواب ومضى زمن طويل لم تمسك فيه بإبرة أو قطعة قماش في يدها.
بينما هي سارحة في أفكارها رأت عينان تلمعان في الظلام فإنكمشت على نفسها وكادت تصرخ من الذعر لكن سمعت صوتا يقول: أنا القطة التي أنقذتها في الغابة وجئت لأنير ظلمتك كما وعدتكِ
إقتربت منها وجلست في حضنها وفجأة زاد توهّج عينيها حتى صارتا كالفانوس
نظرت عيشة حولها وأول مرة ترى ما يوجد في الدّهليز فهو قديم جدا له مئات السنين ولما حفر جدها لبناء البيت
وجده ووضع عليه بابا وإستعملوه كبيت للمؤونة لكنّه كان عميقا ولم يحاول أحد معرفة ما فيه.
قالت القطة: تعالي معي سأريك شيئا
كانت عيشة منبهرة من إتساع الدهليز ونسيت همومها ومشت وراء القطة شاهدت زخارف على الحائط وتماثيل جميلة
وفجأة وجدت أحد الفرسان اللذان سقتهما وأعطاها صندوقا وقال لها:لقد حققت وعدي بأن تلتحفين بأجمل أنواع الحرير لمّا فتحت الصندوق وجدت مرآة فضية وأمشاط من العاج وخمسة أثواب حريرية
قالت في نفسها شيئ لا يصدق إختارت أحدها ثم خلعت ثوبها المهترئ ولبست الجديد ومشطت شعرها
ثم نظرت للمرآة وإبتسمت للقطة وقالت:لم أعد أعرف نفسي
ردّت عليها:هيا نواصل الطريق بعد قليل وجدت الفارس الثاني فأعطاها صندوقا كان فيه حذاء من الجلد اللماع ومجوهرات فرمت الحذاء المثقوب ووضعت الجديد
واختارت ما راق لها من قلائد وخواتم فتزينت بها وواصلت الطريق وقد إشتدت دهشتها أكثر
ثمّ صادفتها شجرة البرتقال وأعطتها كحلا وعطرا وسلة غلال وقالت:لقد نفذت وعدي وإعلمي أننا جئناك لأجل معروفك معنا والإنسان يحصد ما يزرع
فإن زرعت برا حصدت خيرا وهذا الدهليز كان في ما مضى أعظم ممالك الجن فأفسدوا في الأرض حتى جاء اليوم الذي عاقبهم فيه الله ولم يبق من قومنا إلا نحن وفقط الناس الطيبون يمكنهم رؤيتنا
تجولت عيشة بقية اليوم في آثار مملكة الجن وأعجبتها النقوش على الأعمدة الحجرية
قالت: لما أخرج سأطرّز مثلها عل الحرير
ثم دخلت أحد البيوت ونامت وفي الصباح وجدت طبقا فيه كل ما تشتهيه النفس من الطعام فأكلت حتى شبعت